لوعة….قصة قصيرة
ايقظه من نومه صوت اطفال يلعبون تحت النافذة و هم يطاردون بعض العصافير التي كانت تتراقص علي شجرة برتقال بجوار النافذة .
نهض متثاقلا و هو يحس بالتعب و فتح النافذة و التفت الي حيث يلعب الأطفال و ارتسمت علي شفتيه ابتسامة صغيرة لا تكاد تبين وسط سحابة الحزن التي كانت تغطي وجهه فاليوم هو اليوم السابع لرحيل والده و لا يزال يشعر بمرارة الفقد .
من بعيد كان أحد إخوته يدفع عربة يدوية يجمع فيها ألاكواب الفارغة و المخلفات بعد انتهاء مراسم العزاء ، بينما كان إخوته الآخرون يقومون بإزالة خيم العزاء و تجميع الكراسي و ترتيبها استعدادا لارجاعها .
لاحظ من بعيد بأن مسحة الحزن قد اختفت من وجوههم و أن مياه الحياة قد عادت الي مجاريها ، أشعل سيجارة و أخذ نفسا عميقا و ارتسمت علي وجهه ملامح الحيرة و استولت عليه تلك الحالة التاملية التي طرأت عليه منذ اليوم الأول لوفاة والده و جعلته ينظر للموت بطريقة اخري، فيبدو ان الموت لا يأتي وحده فحسب ،بل هو يجلب معه الحزن و النسيان ، ولعلنا حين ندفن الميت ندفن معه الحزن و يبقى النسيان مع الحي و الا فكيف للحزن ان يذهب بهذه السهولة.
كان مستغرقا في أفكاره حتي أنه لم ينتبه إلا متأخرا لنداء أخيه و هو يناديه من بعيد ليشاركهم شرب الشاي و مساعدتهم في تفكيك ما تبقى من خيم العزاء.
أخذ نفسا أخيرا من سيجارته ثم ألقاها من النافذة و استدار و هو يمسح دموعا تساقطت من عينيه.
عبد الرحمن عثمان – ليبيا
